المواطن و«الريال»... بين مطرقة «الشرعية» وسندان «الإنقاذ»

المواطن و«الريال»... بين مطرقة «الشرعية» وسندان «الإنقاذ»
المؤلف جمال الأشول
تاريخ النشر
آخر تحديث

 



العربي: جمال محمد الاشول الإثنين 24 سبتمبر , 2018 13:54 توقيت مكة

أدّت أزمة تدهور الريال اليمني أمام الدولار، إلى ارتفاع غير مسبوق في أسعار المواد الغذائية والمواد الأساسية لدرجة لا يطيقها المواطن اليمني، وسط تساؤلات في الشارع والسوق، حول التأثير المباشر الذي سيقع على المواطن نتيجة التدهور المستمر اثر الإجراءات التي تتخذها حكومة «الشرعية» الموالية لـ«التحالف» التي اعتبرتها حكومة صنعاء إجراءات تضاعف معاناة اليمنيين .

 

وتراجعت العملة المحلية مؤخراً تراجعاً كبيراً في قيمتها أمام الدولار والعملات الأجنبية، حيث بلغ سعر الصرف في سوق العملة خلال اليومين الماضين إلى مستوى قياسي وصل إلى 640 ريالاً للدولار الواحد، وهو أكبر تدهور يصل إليه الريال اليمني في تاريخه.

 

يأتي هذا بعد الإجراءات الأخيرة التي اتخذتها «الشرعية» أقرت بموجبها إغلاق كافة قنوات الاستيراد الخارجية غير الرسمية التي كانت تعتمد عليها صنعاء طيلة عامين، إضافة إلى فرض رسوم إضافية على السفن والطائرات التجارية،  وتحويل السفن التجارية من ميناء الحديدة إلى الموانئ الواقعة تحت سيطرة «التحالف»ف ي الجنوب ، الاجراءت وصفتها حكومة صنعاء بالعدائية، معتبرة أنها تضاعف معاناة اليمنيين وتضيِق خيارات العيش الكريم عليهم.

 

زيادة الأسعار تقصم ظهر اليمنيين

 

في هذه الدوامة الاقتصادية تشير التوقعات إلى اتساع مستمر في الفجوة بين الريال والدولار، وبحسب خبراء إقتصاديين فمن المتوقع أن يصل سعر الدولار الواحد إلى 1000 ريال يمني بنهاية العام الحاليّ 2018، الأمر الذي يصحبه زيادة موازية في لهيب الأسعار والحاجيات الحياتية الأساسية، في ظل واقعٍ تراجعت فيه القدرة الشرائية لليمنيين أكثر من أي وقت مضى.

 

 شهدت صنعاء ومحافظات يمنية أخرى زيادة إضافية في أسعار المواد الغذائية والحاجيات الأساسية والمواصلات والمشتقات النفطية التي وصلت إلى مستويات لا يطيقها المواطن اليمني في ظل انقطاع مرتبات الموظفين في القطاع العام لقرابة عامين، والأزمات الخانقة المستفحلة التي تجر البلاد إلى هاوية المجاعة الشديدة وفق ما أكدته منظمات إنسانية.

 

وضع ارتفاع أسعار المواد الغذائية وانخفاض قيمة العملة المحلية، الكثير من الأسر اليمنية تحت خطر عدم القدرة على تأمين احتياجاتها الغذائية.  فقد نجمت عن الحرب أزمة مالية وتأخر دفع رواتب المعلمين وموظفي الخدمة العامة في البلاد، ولم يتسلم بعضهم أي أجور منذ ما يقارب سنتين ، التي ارتفعت أسعارها بنسبة 68% أكثر مما كانت عليه لحظة اندلاع الأزمة عام 2015.

وفي غضون ذلك، انهارت قيمة الريال اليمني بنسبة 180% خلال الفترة نفسها، بحسب منظمة «أنقذوا الأطفال». وفي مطلع الشهر الجاري، وصلت قيمة العملة اليمنية إلى أدنى مستوياتها، ما شكل عبئاً إضافياً على اليمنيين.

 

«الإنقاذ» تبادر و«الشرعية» ترفض

أكد رشيد أبو لحوم، وكيل وزارة المالية في حكومة «الإنقاذ»، وعضو اللجنة الاقتصادية، في حديثة لـ«العربي» أن المبادرات التي اطلقها رئيس «المجلس السياسي الأعلى» مهدي المشاط، بتحييد الاقتصاد اليمني، ومن قبله مبادرة زعيم «أنصار الله» عبدالملك الحوثي، ومنظمات المجتمع المدني والغرفة التجارية، جميعها قوبلت بالرفض من قبل حكومة هادي.

وقال أبو لحوم إن من أسباب تدهور العملة اليمنية إيقاف تصدير الغاز والنفط اليمني، ما أدى إلى حرمان الخزينة العامة للدولة من الواردات من العملة الأجنبية، وشكل اختلالاً في ميزان المدفوعات عبر دخول من العملات الأجنبية لاستيراد البلد ما يحتاجه من السلع والخدمات، إلى جانب إلى المضاربة على الدولار أسهم بشكل كبير في انخفاض الوحدة الشرائية لوحدة النقد .

وأضاف أبو لحوم، أن طباعة حكومة هادي لمليارات الريالات دون غطاء من العملات الأجنبية، لا تنسجم مع أي رؤية علمية ولا قانون البنك المركزي ولا اساسيات اصدار العملة، موضحاً أنه لا يجب ان تطبع عملة جديدة سوى عندما يكون هناك وفرة كبيرة في الإنتاج يحتاجها النمو الاقتصادي، مشيراً إلى أن طباعة حكومة هادي هي سبب انهيار الريال اليمني والاقتصاد أيضاً.

واتهم أبو لحوم «التحالف» الذي تقودة السعودية، بشن حرب اقتصادية تستهدف المواطن من خلال منع استيراد النفط والغاز من اجل يصل إلى رفع الأسعار بشكل غير مسبوق، فضلاً عن قيود جديدة استخدمها «التحالف» وحكومة هادي، بفرض رسوم جديدة على الواردات من السفن التجارية مما يشكل ارتفاع في أسعار المواد الأساسية .

تريليون ريال يمني دون غطاء

إلى ذلك، أشار تقرير للبنك الدولي تسببت طباعة 400 مليار ريال بدون غطاء في ارتفاع العملة المصدرة في السوق إلى 1700 مليار وانخفاض سالب لصافي الأصول الخارجية إلى 1,562- مليار دولار، إضافة إلى تداول عملة تالفة بمبلغ 45 مليار ريال دون غطاء مما يجعل العملة المطبوعة بدون الضوابط الاقتصادية لطباعة النقود بدون قيمة حقيقية، بل مجرد أوراق مطبوعة. 

وبحسب التقرير السنوي للبنك المركزي بعدن، حصل «العربي» على نسخة منه، فقد بلغ إجمالي قيمة العملات المطبوعة خلال العام الحالي 2018م، 600 مليار ريال، وصل منها 420 مليار ريال إلى البنك بعدن، ويتوقع أن تصل 180 مليار خلال نوفمبر القادم.

حيث تم طباعة 200 مليار ريال من فئة (1000) وفئة (500) مطلع فبراير، تلتها وصول شحنات جديدة من الأموال المطبوعة في شركة «غورناك» الروسية من فئات (100و200 و250)  ريال، حيث يتجه البنك إلى طباعة تريليون ريال خلال العام 2018م،  ما يعادل 5 مليار دولار، بحجة استبدال النقود التالفة والتي تمثل %90 من حجم النقد المتداول ومواجهة أزمة السيولة ودفع رواتب موظفي الدولة في مناطق «الشرعية».

من جانبها، أشارت اللجنة الاقتصادية المكونة من دكاترة الاقتصاد في الجامعات اليمنية والإدارات الحكومية والقطاع الخاص، والتي عملت تحت إشراف وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، في تقرير حديث لها حصل «العربي» على نسخه منه، إلى أن السيولة النقدية في اليمن تصل إلى 1330 مليار ريال على أقل تقدير، ولكن تداولها يتم خارج الجهاز المصرفي أي ما يعادل 5,2 مليار دولار، مؤكدة أنها أحد أسباب الأزمة في الجهاز المصرفي اليمني، فيما قدرت الزيادة في النقد المتداول خارج الجهاز المصرفي خلال النصف الأول من العام 2016م بـ 298 مليار ريال.

وأوضحت أن النقد على شكل زيادة المعروض النقدي من خلال التمويل بالعجز (الإصدار التضخمي) ستكون له آثار كارثية وسيؤدي إلى تآكل الدخل الحقيقي للمواطنين نتيجة تدهور القوة الشرائية للعملة الوطنية.


تعليقات

عدد التعليقات : 0